مبارات البرشا والريل

.


بعـد ليلـةٍ لـم أعتـد بها على السهرِ كثيراً .. فمن يسهرُ الليل ينام النهار .. وهي مالم تكن عـادتي .. أغمضت عيني في ظلامٍ سـائد ! وتفتحّت بقل عندما أحسستُ أن الشمس اليوم ليست على طبيعتها ! فقد كانت تسطع أكثرُ من ذي قبل .. إستيقضتُ بثقلٍ لم أشعر بهِ من قبل .. وأثناءَ سيري ، وأثرَ هلوسةٍ بعقلي .. وأثر ليلةٍ مضت .. وجاءت نتائجها أنني تمنيت أن أمتلكـ سرعة ( بيليه ) .. ومراوغـة ( مارادونا ) لأصـل سريعـاً إلى المدرسة .. ولـ أتخطى زحمـة السير !

وصلـت إلى المدرسة متأخراً .. وجلست بجانب صديقي يزيد .. والذي لم أعتـد أن أسير وحدي دونه ! سـألني والعجب والتساؤل يحيط به ‘‘ مـا الذي جعلكـ تتأخّـر ؟ ’’ .. لم تكـن لدي إجابةً مقنعه .. لأنه وفي تلكـ اللحظـة كان الجميع ينتظر مني الإجـابة والصمت فجأةً يسود المكان .. كونها ليست عادةً مني أن أتـأخر .. الكل كان ينتظر سبباً مقنعـاً .. فـ هل أقول أنهـا كرة القدم !؟ .. لكني أجبت بكل خجل .. ‘‘ سـأخبركـ لاحقـاً ’’ !

إنتهـى الدوام المدرسي .. الذي لم يكن من عوائدهـ أن يكون شـاقـاً علي .. توجهنـا معـاً أنـا ويزيد إلى البيت ! سـألني أثناء المسير .. ‘‘ هل ستخبرني بالسبب الآن ؟ ’’ فـ أخبرته بـما حدث في الليلة الظلماء .. التي كانت نجومها بيليه ومارادونـا ..

حدثته عن دهشتي .. عن تعجبي منهم .. وعن إعجابي بهم ! فـ أخبرته بـأن كنت أتمنـى أنهم عـاشوا بـ نفس الزمن .. نفس الظروف .. لـ يسهـل الحكم على أفضلية أحدهم على الآخـر ..

فـ أجـابني أن هنـاكـ منافسة لا تنتهي إلا بإنتهاء الزمان ! منافسـة دون أفضلية دائمـة لهذا أو لذاكـ .. منافسة دخلت فيها السياسة .. وتقاسمت فيها الأحزاب .. وتحالف فيها المشجعـين والعشـاق .. أيّـاً كـان الإنتماء ! ومهمـا كانت مكانتهم بين شرائح المجتمـعات ..

سـألتـه بشوق ‘‘ أين أجد وأقرأ عـن تـلكـ المنافسة ؟! فـ أنـا لم أقرأ سوى أول الأجزاء ’’ .. فـ أجـابني بإبتسـامـة سخرية ‘‘ إنهـا أكـبر من أن يكتب عـنهـا في الكتب .. أو يحكـى عـنهـا من جيلٍ لآخـر .. إنهـا منافسة برشلونـة و ريـال مدريد ’’ ..

كـان من حسـن حظّـي أننا في آخـر يوم دراسي قبـل عطلة نهاية الأسبـوع .. لذلكـ قررت أن أتفرّغ كليـاً لـ أقـرأ كثيراً عن تـلكـ المنافسـة .. ولـم آبـه لـ بقيّـة مشـاغلي .. و روتيني الدائـم في عطـلة نهـايـة كل أسبـوع !



بدأت بـ القراءة عـن نادي ريـال مدريد .. فـ ما أن بدأت أقـرأ .. حتـى أصابتني الدهـشة ! حيث وجدت أنه المرجع الأول لـ كل البطولات ! تمنيـت فعـلاً أن أذهـب إلـى البيرنابيو .. تحديداً إلى متـحف النـادي .. الذي أكـاد أجزم بـانه سيكـون قلعـة .. مرصّعـة بـ البطـولات والألقــاب ..

أكملـت مسيرة القراءة .. أعجبت كثيراً بـ أسلـوب الريال القـاسي ! فـ لم تلبث بطولة الأبطـال أن تنطق ! حتـى أصبح الريال عـنوانـاً .. بل رمـزاً لتـلكـ البطولة ! فـ أصبح الريال هـو زعـيم أوروبــا .. قبل أن يدعّم تـلكـ الزعـامـة .. محليـاً وقـاريـاً أيضـا !

لا يوجـد شئٍ في الكـون يدعـى ( الكمـال ) فـ هو لله سبحـانه .. لكنني حقـاً وجدت أن هذا النـادي .. هـو الأقـرب لـ الكمال .. ولـو كـان الريال بشـراً يملكـ ضميراً حيّـا .. لـ مـات منتحراً ! لـ يتـركـ مجـالاً لـ غيرهـ في الوصول إلى مـا وصل إليه .. فـ من طبيعـة البشر ( الرحمــة ) !

لكنني حقيقـةً سرعـان مـا أُصبـت بـ الذهول ! فـ عندمـا قرأت مـا يحدث لريـال مدريد في الفترة الأخيرهـ .. لم أصدق أن يكون هذا هو نفسه مـا نتحدث عـنه ! لكني سرعـان مـا أكتشفت أن الأمـر هيّن .. لأنني إنسـان عـربي .. قد عشت واقعـاً مريراً .. فـ نحن نقتّـل والوضع مـأسـاوي .. فيمـا لا نزال نتغنّـى بـ ( التـاريخ ) !!

لكن الريال إسبـاني وليس عربي .. ولم يكن من ذوي العروق العربيّـة لـ حسن حظّـة ! فـ من يقرأ عـن إستعـدادات الريال هذا الصيف .. سـ يعلم تمـامـاً أنه قـادم بقوة ، لـ يحـافظ على تـاريخه .. ولكي يكمـل مسيرة الإنجازات والبطولات .. فـ شعـار ( نـادي القرن ) يجب أن يكـون ثقيلاً على عـاتق كل لاعب وكل مسؤول في هذا النادي .. لـ يعـود الريال كمـا كـان .. ولـ يصنـع ويكرر تـاريخ آخر .. لـ أجـل التـاريخ الكبير ! ولـ أجل أسم ( ريال مدريد )



قـرأت عـن برشلونة .. بدايةً تعجبت كثيراً !! شعـرت لـ وهلة أنني أقـرأ عـن دولـةٍ لهـا عـادات وتقـاليد .. لها مبـادئ وقيـم .. لهـا أسلـوب وفلسفـة .. لكن الأجمـل كـان أن لـها بدايـة وليس لها نهــاية !

لـم أقـرأ عـن بطولات هذا النـادي .. بقـدر مـا قرأت عـن الريال .. لكنني أعجبت كثيراً بشئ أهـم حتـى من تلكـ البطولات والإنجازات .. إنهـا ( الشمولية ) !

لـم أفهم حقيقـةً معنـى عـنوان ذلكـ الكتـاب ، والذي كـان ( أكثـر من مجـرّد نـادي ).. لكن عندمـا قرأت عـنه ! كان لـ وجهـي إبتسـامـة .. عنوانهـا المعـرفة .. لأني الآن عـلمت " كـيف " و " لمـاذا " كـان كذلكـ ..

لكـل مبـدع مجـال .. عـنوانـه ( التميّـز ) ! فـ إذا كـان الريال قـد تميّز عـن غيرهـ بـ البطولات ! فـ إن برشلونة قـد تميّز عـن غـيرهـ بـأنه يملكـ مدرسة .. بـل منجـم لـ نجوم كـرة القـدم .. فـ قد حدثت نفسي قـائلاً ‘‘ أحمـد الله أنني لم أكمل سلسلة كتاب الأساطير .. فـ لقد وجدتهم هنـا ’’ ..

حقيقـةً لطـالمـا أعتـقد أنني مسـالم وبعـيد عـن السيـاسة .. لكنني أنخدعت بذلكـ عـندمـا قرأت عـن برشلونة .. تمنيت فعـلاً أن تكـون ( كتـلونيـا ) دولـةً مستـقلّـة .. لـ يكون عـالم جميـل .. داخـل عـالم آخـر كئيب ! تمـامـاً كـ البـدر في ليلـةٍ ظلمـاء ..


أثناء القراءة أصـابني الإرهـاق والأرق نتيجـة للمجهود الكبير .. فـ إنتهـى بي الحـال في أنني وضعـت رأسي على ذلكـ الكتـاب ودخلت في سبـاتٍ عميق ZzZzZ .. .. وفي منتصف الليل .. وأثنـاء تغييري لـ وضعية نومي سقطت من الكرسي .. فـ قمت فجزعـاً وصرخت قـائلاً ‘‘ يـا إلهي .. ماذا فعـلت بي الكرة !! ’’ ..

فكرت كثيراً .. وقلت لـ نفسي ‘‘ إذا كانت القراءة فعـلت بي ذلكـ .. وشدتني وأخذت الكثير من وقتـي .. فـ ماذا سيكون الحال في المتـابعـة ؟! ’’ وقررت حينهـا أن أتـركـ تـلك الريـاضة لـ مجانينهـا .. وأن أعـود لـما كنت عـليه ..

إذا كـان للريـال العـز والهيمنـة .. فـ ضريبتهـا موت الأعصـاب .. وإذا لبرشلونة المتعـة والتـألق .. فـ نتائجهـا الجنون .. وإذا لكـان لـرأس الخنزير .. صيحـات الإستهجـان .. صفير المدرجات .. وصراخ المشجعـين أثر ! فـ الإنسحـاب هو الطريق الأمثـل .. لأنهـا الطريقة المثلى للعيش بـ سلام .. فـ قلبي ليس قويّـاً ولا يتحمل ! ودائمـاً مـا يكون عـنوانه الإستسلام ..

ذهبت إلى فراشي لـ أكمل نومي بـ طريقتي المعـتـادة والطبيعية .. وكما أفعـل دائمـاً قبيل النوم .. بـدأت أفكـر بمـا صنعت اليـوم .. فقـد دوّنت في مخيلتي مـا يلي //

،،،
،،
،

‘‘ الخــلاصة ’’

# أن لكـل مـا يميّزة بنظر محبه .. فـ قد يكون سبب عشق شخص لـ فريقه بسبب نجومه .. وآخـر لـ أجل البطولات .. وآخـر لـ أجل أنه فريق المدينة .. وغير ذلكـ ! فـ الأسبـاب تختلف في تشجيـع الفرق .. والبطولات ليست شرطـاً أساسيـاً للتشجيع !

# ليس من الذوق أن تقلل من رأي الآخرين لـ أنه يتعـارض مع رأيي .. فـ لولا إختـلاف الأذواق .. لـ بـارت السلـع !

# دائمـاً مـا يتخاصم المشجعـين .. وقـلمـا يكون الإحترام متبـادل بينهم .. وأن من يتحدث بـ عقلانية لا يعتبر متعصب لفريقه .. بينمـا اللاعبين داخل أرضية الميدان غالبـاً مـايكون بينهم الإحترام و الود .. فـ حتى طابور التصفيق الذي نراهـ عـاراً .. هم يرونه إحترامـاً لـ البطل .. فـ هل هذهـ تكفي ؟

# التـاريخ العـريق .. يـدفـع صـاحبه إلى الفخـر والتبـاهي به .. فـ التـاريخ لا يشفع بشئ .. وكمـا يقـال ‘‘ ليس الفتى من قال كـان أبي .. إن الفتى من قال ها انا ذا ’’

# عـندمـا غـابت شمس برشلونة عـن البطولات لـ 6 مواسم .. وعندمـا أخفق الريال في الوصول إلى أدوار متقدمـة في دوري الأبطـال .. لم تكـن نهايتهم .. بل عـاد برشلونة بقوة .. وهاهو الريال يشد الرحال .. فـ دائمـاً الكبير يمرض .. لكن لا يموت !

# يجب أن نتعلم من موقف برشلونة في الحفاظ على عادات وتقاليد النادي .. فعندما يمنع النادي الإعتماد على إعلانات القمصان .. أستمر بها برشلونة لـ فترة طويلة .. حتى رغم الحاجـة .. إلا أنه عندما أصبح الأمر إنسـانياً تعامل برشلونة مع الأمر بـ أفضل الطرق ..






أتمنـى أن أكـون قـد وفّقـت في سرد الفكـرة .. بـ الطريقة الصحيحـة ! عـلمـاً بـأن جميع تلكـ الأحـداث هي وهمية وغير حقيقية .. لكن الفكرة الأهـم ! أن تصل خلاصـة الموضوع إلى أذهن القرّاء .. أعذروني على قصر الموضوع والقصّـة .. لكن أعـلم أن السرد الطويل فيه ملل .. لذلكـ فضلّت أن أختـصر كثيراً ..

مـلاحظـة / المـوضوع هذا يعتـبر الأخـير لـي لـ فتـرة ليست بـ قصيرة .. فـ الظروف ستجبرني للأسف ع الإنقـطاع مؤقتـاً عـن النت والمنتدى .. فـ إلى لقـــاءٍ قــريب
.
.